توقع خبراء أن تدفع الضغوط الدولية والمعارضة الداخلية، الإدارة الأمريكية إلى التراجع أو تعديل مواقفها تجاه غزة، بعد أن أعلن الرئيس دونالد ترامب عن خطة للسيطرة على القطاع تتضمن تهجير السكان إلى دول مجاورة وأخرى بعيدة.
وقال خبراء إن من أبرز العوامل التي قد تسهم في كبح جماح الرئيس الأمريكي في هذا الصدد، تصاعد المعارضة السياسية داخل الولايات المتحدة خلال الساعات الأخيرة، إلى جانب اعتراض مؤسسات أمريكية ترى أن مخطط ترامب يضر بمصالح واشنطن في العالم والشرق الأوسط، فضلا عن المواقف العربية الرافضة للتهجير.
وتؤكد أستاذة القانون الدولي بباريس والمحللة السياسية، الدكتورة جيهان جادو، أن “الرفض الدولي والعربي القاطع لتصريحات ترامب، يعكس عدة عوامل قد تسهم في كبح جماحه ودفعه للتراجع عن طرحه الأخير بشأن تهجير سكان غزة“.
وتأتي في مقدمة هذه العوامل، بحسب جادو، “المعارضة المتصاعدة داخل الولايات المتحدة خلال الساعات الأخيرة، إلى جانب اعتراض مسؤولين في مؤسسات أمريكية يرون أن مخطط ترامب يضر بمصالح واشنطن في العالم والشرق الأوسط، ويسيء إلى صورتها ودورها والتزاماتها في إقرار السلام، مما قد يؤثر سلبًا على شعبيته داخل البلاد”.
وترى جادو، في حديث أن “المجتمع الدولي انتفض ضد تصريحات ترامب وطرحه، لما يحمله من ظلم واضح وتهديد للسلام الدولي، إذ يشكل خرقًا للمعايير الدولية والإنسانية”.
وأوضحت أن “الدول الحليفة للولايات المتحدة، قبل غيرها، تدرك خطورة تبعات هذا الطرح وما قد يترتب عليه من حالة عداء على المدى القريب، ما دفعها إلى إصدار إدانات واضحة ورفض قاطع للمخطط، مع التأكيد على ضرورة التمسك بحل الدولتين وإعادة إعمار قطاع غزة، ليظل للفلسطينيين أصحاب الأرض”.
وأشارت إلى أن “ممارسة الضغوط على شخصية ترامب العنيدة قد تؤتي ثمارها، خاصة من قبل المجتمعين العربي والدولي، في ظل اعتبارات يراها الرئيس الأمريكي مؤثرة على علاقات الولايات المتحدة على المستويات الدولية والإقليمية”، موضحة أن “التوافق الواسع في الرفض بين الدول العربية والمجتمع الدولي، وعلى رأسه الاتحاد الأوروبي، قد يؤدي خلال الفترة المقبلة إلى تراجع بعض المسؤولين أو المؤسسات الأمريكية عن مواقفهم بشأن ما صدر عنه”.
وأضافت أن “موقف أوروبا ودول مثل كندا في رفض سياسات ترامب تجاه غزة يعود أيضًا إلى مخاوفهم من أن يؤدي الصمت على مواقفه إلى تشجيعه على تبني سياسات أخرى تتعارض مع الثوابت الدولية، ما قد يؤثر في قضايا وأزمات تمس هذه الدول والتكتلات الغربية. لذلك، هناك ضرورة لتوحيد المواقف الدولية في مواجهة الطروحات غير المتوازنة التي يقدمها ترامب”.
ويتفق أستاذ العلاقات الدولية، الدكتور خالد شيات، مع قراءة جادو، مؤكداً أن وجود موقف عربي موحد وقوي، إلى جانب الدول الأوروبية التي تتعارض مصالحها وأمنها مع مخطط ترامب لتصعيد الأوضاع في الشرق الأوسط، يشكل عاملاً أساسياً في منع الرئيس الأمريكي من المضي قدمًا في هذا الطرح.
وأوضح شيات، لـ”إرم نيوز”، أن “الدول الغربية، لا سيما الأوروبية، تأخذ في الاعتبار مخاطر التداعيات المحتملة للطرح الأمريكي، إذ ترى أن إضافة أزمات جديدة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى المشكلات القائمة قد يزعزع استقرار أوروبا، خاصة مع ارتفاع موجات الهجرة كنتيجة لمثل هذه السياسات أو لإنهاء أي أفق لحل الدولتين”.
وأضاف أن “الموقف الأوروبي الرافض يستند إلى أن تحقيق السلام يرتكز على حل الدولتين، وهو المسار الرئيسي المعتمد دوليًا، وأي بديل آخر سيؤثر سلبًا على الاستقرار الدولي، خاصة أن معظم أزمات الشرق الأوسط ترتبط جوهريًا بحل القضية الفلسطينية”.
وشدد على “ضرورة أن يكون للدول العربية موقف واضح وثابت في رفض هذا الطرح، مع التمسك بحل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية”.