سوريا الجديدة نظام الأحزاب المتعددة
مع كل تعيين جديد في مناصب الحكومة الانتقالية بدمشق، تتسع دائرة الأسئلة وعلامات الاستفهام، عما إذا كان التغيير الذي حصل في سوريا لم يبدّل في جوهر استئثار السلطة ولم يستجب لمبدأ التشاركية.. رغم الوعود والتطمينات التي أغدقها النظام الجديد حتى الآن.
فبتعيين وزيرين للحقيبتين السياديتين، الخارجية والدفاع، تكون تعبئة الشواغر بلغت 14 اسما، جُلّها من لون واحد، هو لون جبهة تحرير الشام التي وصلت إلى دمشق من خلال حكومة إدلب.
المحلل السياسي نعمان جوهر الطنيب، لا يرى شيئا غير مألوف في اختيار القائد العام للإدارة السورية أحمد الشرع شخص محمد البشير لرئاسة الحكومة الانتقالية، كونه كان رئيس حكومة إدلب التي يراد استلهام تجربتها الناجحة في مهمة إعادة بناء الدولة السورية الجديدة.
لكن ما رفع صوت الأسئلة وعلامات الاستفهام- كما يقول، هو اختيار اثنين من المقربين جدًا من الشرع، وهما أسعد الشيباني لحقيبة وزارة الخارجية، ومرهف أبو قصرة وزيرًا للدفاع، الأمر الذي بدأت تسمع معه تساؤلات عما إذا كانت الحكومة الانتقالية هي حكومة سوريا أم حكومة الشرع؟.
ويضيف المحلل الطنيب، أن مثل هذه الملاحظات التي يتم تداولها الآن علنًا تجد في النهاية من يذهب بها للتساؤل عما إذا كان ما يحصل هو في مضمونه العريض استئثار بالسلطة لتصبح سوريا دولة اللون الواحد بعد أن كانت في عهد نظام الأسد تسمى دولة الحزب الواحد.
ولا يرى الطنيب حرجا في تسجيل مثل هذه الملاحظات والهواجس؛ كون قيادة النظام الجديد لم تترك مناسبة، في لقاء الشرع مع الوفود الأمريكية والتركية واللبنانية، دون الحديث عن وجوب الالتزام بحقوق الأفراد والأقليات، وتمثيل ألوان الطيف بالمجتمع السوري كافة، الذي توارث التعايش والتعددية والتسامح والنأي عن الثأر.
وفي المقابل يرى زين الدين بني نمر، المراسل لشبكات تلفزيون أوروبية، أن تضخيم الهواجس حول النظام الجديد في سوريا، لا يخلو من شبهات “نثر المسامير تحت عجلات الموكب” وفق تعبيره.
وبتقديره أن بعض من يرفعون هذه التساؤلات قد يكونون من متضرري الحالة الانتقالية، حيث يغيب عن نظرهم أو يتجاهلون المنجزات المتحركة على الأرض.
ويعطي بني نمر مثالا أخيرا عن هذه المنجزات، في طبيعة ورحابة اللقاء الذي عقده الشرع مع فصائل المعارضة لبحث شكل المؤسسة العسكرية في سوريا الجديدة، وكيف أنه جاء ملفتا في حجم التنوع بالتمثيل، كما في النقاش والاستعداد للتغيير، بحسب قوله.
ويستذكر أن الهواجس والتحسبات المسموعة والمرئية الآن، تتضمن أكثر من التذكير بحقوق الأقليات وتوحيد سلاح الدولة.
طيف المطالب عريض ويشمل حتى مخاوف الفنانين والمثقفين من أن يتعرضوا للاضطهاد والتهميش وهم يرون علم جبهة تحرير الشام المرفوع في مكاتب الشرع والبشير، وفيه ما يلفت من مقاربة مع علم طالبان في أفغانستان، وفق ما يرى مراقبون.
وفي تحليله هواجس الاستئثار بالسلطة ومضامين المقولة بأن سوريا انتقلت من نظام الحزب الواحد إلى نظام الملة الواحدة، سجل الطنيب للنظام الجديد أن شوارع دمشق وحلب تملؤها اليوم مظاهر الاحتفال بأعياد الميلاد للمسيحيين، وأنه لم تُسجل أي حوادث اعتداء على المسيحيين ـ فيما عدا حوادث نهب بسيطة للكنائس قال مطارنتها إنها جرت من طرف بقايا شبيحة النظام السابق، وفق قوله.