إسرائيل تغتال براءة أطفال غزة
في ظل العدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة، يواجه الأطفال الفلسطينيون أزمة إنسانية حادة تؤثر في حياتهم بشكل عميق، فطفولتهم تتحول إلى سلسلة من المشاهد القاسية التي تحمل الألم والحرمان. هذه المأساة ليست مجرد أرقام في تقارير، بل قصص حية تُجسد انتهاك الحقوق الإنسانية في أبشع صورها.
منذ بدء الهجمات في أكتوبر 2023، سقط القطاع تحت وطأة آلة الحرب الإسرائيلية التي لم تتوقف عن قصفه، مما حول حياة الأطفال إلى جحيم دائم. المعاناة التي يعانونها لا تقتصر على لحظات القصف فقط، بل تمتد لتؤثر على حياتهم اليومية ومستقبلهم بشكل قاتم.
وفي يوم الطفل العالمي، نشر تجمع “حرية” ورقة حقائق تبرز الانتهاكات الجسيمة التي تعرض لها الأطفال الفلسطينيون منذ السابع من أكتوبر 2023. وتشير الإحصائيات إلى فقدان أكثر من 17,390 طفلاً لحياتهم، بالإضافة إلى إصابة أكثر من 22,000 آخرين، بينهم العديد من الأطفال الذين تعرضوا لبتر أطرافهم نتيجة الإصابات الناتجة عن القذائف والشظايا. هذه الأرقام ليست مجرد إحصاءات، بل تمثل معاناة مستمرة تقترن بالعجز والخسارة التي سترافقهم طوال حياتهم.
كما سلط التقرير الضوء على تداعيات صحية خطيرة مثل وفاة 55 طفلًا نتيجة سوء التغذية والجفاف، بالإضافة إلى وفيات حديثي الولادة بسبب انقطاع الكهرباء ونقص المعدات الطبية. ومن جانب آخر، فقد تعرض العديد من الأطفال للاعتقال والتعذيب، بينما اضطر آخرون للنزوح عن منازلهم ليعيشوا في مراكز إيواء تفتقر لأبسط مقومات الحياة. ووفقًا للتقرير، فقد فقد أكثر من 35,000 طفل أحد والديهم أو كليهما، ما يعمق المعاناة النفسية ويزيد من شعورهم باليتم والعزلة.
سوء التغذية وضعف النمو يعتبران من أبرز مظاهر المعاناة الصحية التي يواجهها الأطفال نتيجة الحصار المستمر، بالإضافة إلى تدمير المدارس نتيجة القصف الذي أوقف العملية التعليمية وزاد من معدلات التسرب المدرسي. في الوقت نفسه، يظل الصمت الدولي هو السمة الأبرز، حيث اكتفت المنظمات الدولية بالإدانة دون اتخاذ خطوات حقيقية لمحاسبة الاحتلال الإسرائيلي على جرائمه، مما شجع على استمرار العدوان.
يأتي العدوان الإسرائيلي على الأطفال الفلسطينيين متعارضًا مع اتفاقية حقوق الطفل لعام 1989، التي تكفل حق الأطفال في الحياة والتعليم والرعاية الصحية. ورغم ذلك، تظل إسرائيل بعيدًا عن المساءلة بفضل سياسة الإفلات من العقاب التي تحميها.
في هذا السياق، دعت “حرية” المجتمع الدولي إلى ضرورة التحرك الفوري لحماية أطفال غزة، وإجبار إسرائيل على الالتزام بالقوانين الدولية ومحاسبة المسؤولين عن هذه الجرائم.
حياة على حافة الجوع والموت
وفي شهادات حية، تحدث محمد عبدالناصر، أحد سكان غزة، عن المأساة التي يعيشها الأطفال الفلسطينيون. قال إن الأطفال يعيشون واقعًا مأساويًا حيث يفقدون أبسط حقوقهم الأساسية مثل التعليم، الذي أصبح غائبًا تمامًا بسبب الظروف الراهنة. وأضاف أن الأطفال يجمعون المياه أو يبحثون عن الحطب بدلاً من أن يذهبوا إلى المدرسة أو يلعبوا كبقية الأطفال في العالم. كما أشار إلى الوضع الأمني المأساوي، حيث يستهدف الاحتلال الإسرائيلي الأطفال بشكل مباشر، مما يودي بحياة العديد منهم يوميًا.
أما رائد محمد، فقال إن الأطفال في غزة يعانون من انتهاكات ممنهجة تشمل القتل والاعتقال والتهجير القسري، ما يعطل حياتهم ويسلبهم أبسط حقوقهم. وأشار إلى أن قوات الاحتلال تتعمد استهداف الأطفال بشكل مباشر أو عبر تدمير المباني السكنية والمدارس، مما يزيد من معاناتهم.
فريسة لآلة الحرب
وتحدثت الباحثة الميدانية إيمان نهاد عن المعاناة التي يواجهها أطفال غزة في ظل سياسة الإبادة التي ينتهجها الاحتلال. وأوضحت أن الأطفال يعانون من آثار كارثية على جميع الأصعدة، بما في ذلك فقدان عامين دراسيين بسبب الحرب، كما أن العديد منهم يعانون من تفشي الأمراض بسبب تلوث المياه وسوء التغذية. كما أوضحت أن العديد من الأطفال الذين فقدوا والديهم يعانون من اضطرابات نفسية شديدة.
وشددت على ضرورة التدخل الدولي الفوري لإنقاذ الأطفال، حيث إن الوضع الراهن يستدعي دعمًا أكبر من ذلك الذي يتم تقديمه حاليًا. وذكرت أن الأطفال في غزة يحتاجون إلى دعم نفسي مستمر، نظرًا لما يعانون منه من خوف وقلق دائمين بسبب الحرب والتهجير.
إعاقات دائمة بين الأطفال
وأشارت الباحثة إلى أن العديد من الأطفال في غزة تعرضوا لإصابات بليغة قد تؤدي إلى إعاقات دائمة، مما يزيد من صعوبة حياتهم في المستقبل. كما أن العديد من هؤلاء الأطفال يواجهون تحديات نفسية شديدة نتيجة العنف المستمر الذي يتعرضون له. وأضافت أن الانتهاكات التي تم توثيقها ليست سوى جزء صغير من المآسي التي يمر بها الأطفال في غزة، مؤكدة على أن إسرائيل تتبع سياسة ممنهجة في استهداف الأطفال الفلسطينيين.