أولمرت يُصارح الإسرائيليين: مجتمعنا يحب الظهور كضحية للكراهية
رأى أن «الوحشية» ضد المدنيين في غزة ولبنان ستزيد التظاهرات المناوئة لتل أبيب
في وقت تتصاعد فيه حملة إسرائيل ضد ما تصفه بـ«المذبحة التي يرتكبها العرب والمسلمون ضد اليهود في هولندا»، وتقف الحكومة الإسرائيلية مع المعارضة في جبهة واحدة لتوجيه الاتهامات للعالم بـ«العداء للسامية»، أطلق رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إيهود أولمرت صرخة مصارحة، داعياً إلى قراءة الواقع بوضوح والتعامل معه بواقعية.
وفي مقال له بصحيفة «هآرتس» العبرية يوم الأحد الماضي، أكد أولمرت أن ما حدث في هولندا من أعمال شغب يعتبر «حادثاً خطيراً» يستوجب التعامل معه بحزم، لكنه رأى أن تلك الحوادث هي نتيجة للممارسات الوحشية التي تقوم بها إسرائيل في غزة والضفة الغربية ولبنان. وأضاف أولمرت أن المجتمع الإسرائيلي يفضل رؤية نفسه كضحية للكراهية، مما يؤدي إلى تجاهل الأسباب الحقيقية لتلك المشاعر السلبية.
وكانت مدينة أمستردام قد شهدت في 8 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي أعمال عنف بين مشجعي فريق «مكابي تل أبيب» الإسرائيلي ومجموعة من الشبان العرب والمسلمين. الحادث بدأ عندما قام المشجعون الإسرائيليون بنزع أعلام فلسطينية من الشوارع والهتاف ضد العرب، ليؤدي ذلك إلى مواجهات عنيفة مع شباب هولنديين من أصول عربية.
في مقاله، أوضح أولمرت أن تلك الحوادث ليست دليلًا على استمرار ظاهرة اللاسامية التاريخية، بل هي في الأساس تعبير عن كراهية متزايدة لدى المسلمين تجاه إسرائيل ومواطنيها، بسبب ما يحدث في المنطقة. وأكد أن هذه الكراهية تزداد بمرور الوقت، مهددة بعزل إسرائيل عن العالم.
نظرية «العالم ضدنا»
ورفض أولمرت فكرة المقارنة بين تلك الحوادث وكارثة المحرقة النازية، واصفاً ذلك بالـ«فقدان التوازن النفسي». وأضاف أن إسرائيل منذ سنوات تعيش في جو من الرعاية الحكومية لفكرة «أن العالم كله ضدنا»، وأن أي إسرائيلي يعارض سياسة الحكومة أو العمليات العسكرية يُتهم بالخيانة والتعاون مع «حماس»، حتى في مواجهة حلفائها مثل الولايات المتحدة. وأشار إلى أن تأخيراً طفيفاً في دعم الرئيس الأميركي جو بايدن لإسرائيل في بعض الملفات قد حوله إلى «عدو»، رغم مساعداته العسكرية الكبيرة.
غضب عالمي من التصرفات الإسرائيلية
وأكد أولمرت أن الحوادث في هولندا تعكس الغضب المتزايد تجاه تصرفات إسرائيل، خاصة في ما يتعلق بالحرب على غزة. واعتبر أن صور الدمار الهائل في القطاع هي ما يشكل الوعي العام في أوروبا وأميركا اللاتينية وآسيا، وأوضح أن هذا الغضب لا يتعلق فقط بالمذبحة التي ارتكبها «جناة حماس» في 7 أكتوبر (تشرين الأول)، بل أيضاً بالتدمير المستمر للمنازل الفلسطينية في غزة، مما يثير مشاعر التعاطف لدى الكثيرين في العالم.
وحذر أولمرت من أن سياسة إسرائيل في غزة ولبنان، التي تهدف إلى تدمير المنطقة، لن تحسن من سمعة إسرائيل في العالم، بل ستزيد من عزلة الدولة وتفاقم مشاعر الكراهية ضدها. كما أشار إلى ما يحدث في الضفة الغربية من انتهاكات لحقوق الإنسان، التي قد لا تحظى بتغطية إعلامية كافية في إسرائيل، لكن العالم الخارجي يراها بوضوح.
استحضار الضحية والمضي في العنف
اختتم أولمرت مقاله بالتحذير من أن المجتمع الإسرائيلي أصبح مهووساً بفكرة الظهور كضحية للكراهية واللاسامية، وهو ما يعزز استمرار العنف دون مبرر في غزة والضفة الغربية. وأشار إلى أن هذه السياسة لا تؤدي فقط إلى المزيد من الضحايا الإسرائيليين، بل تسهم أيضاً في تعزيز العداء تجاه إسرائيل في الخارج.
وأكد أولمرت أن إسرائيل ستظل تواجه العزلة الدولية طالما استمرت في نهجها الحالي، مذكراً بأن الصورة السلبية لإسرائيل في العالم ستظل تتفاقم، مما يؤدي إلى مقاطعتها في الأمم المتحدة وفي المحافل الدولية، ويتساءل متى ستدرك إسرائيل أن هذا الاتجاه يضر بمصالحها على المدى الطويل.
خاتمة
وفي ختام مقاله، خلص أولمرت إلى أن سياسة العنف والوحشية التي تمارسها إسرائيل ستؤدي إلى استمرارية أعمال الشغب والتظاهرات ضدها في أنحاء مختلفة من العالم. وأضاف أن عزلة إسرائيل العالمية ستستمر، وأن شعور الإسرائيليين بأن «الجميع يكرهوننا» لن يكون سوى نتيجة حتمية لهذا النهج المتواصل