حزب الله استعاد توازنة امام جيش الاحتلال
حزب الله اعاد قوتة بعد امداد ايران بالاسلحة الحديثة
مصدر بحزب الله ينفي وجود مقاتلين إيرانيين بجنوب لبنان ويؤكد إشراف خبراء “الحرس الثوري” على المعارك
أكد مصدر سياسي لبناني على صلة وثيقة بـ”الثنائي الشيعي” (“حزب الله” و”حركة أمل”)، إشراف خبراء من “الحرس الثوري” الإيراني على المعارك التي يخوضها “حزب الله” في جنوب لبنان، لكنه نفى وجود مقاتلين إيرانيين في صفوف الحزب. ورداً على تقارير غربية تتحدث عن وجود متطوعين إيرانيين للقتال في لبنان، قال المصدر: “لا أساس لكل ما يقال على هذا الصعيد”، متسائلاً: “إذا كان هذا صحيحاً، فهل يُعقل أنه لم يسقط في المواجهة سوى مقاتلين من الثنائي الشيعي؟ ولو كان صحيحاً، هل يمكن إخفاء مقتل أي إيراني في بلد يوجد على أرضه أجهزة مخابرات متعددة من كبرى الدول التي لا هم لبعضها سوى التقصي عن كل ما يتعلق بأنشطة الحزب وتتابع سير المعارك على أرض الجنوب؟”
ورغم نفيه لوجود مقاتلين إيرانيين، أقرّ المصدر بوجود “خبراء” من “الحرس الثوري” الإيراني “يشرفون على سير المعارك، إلى جانب كبار القياديين العسكريين في الحزب”. وذكر أن “حزب الله” لا يخفي أسماء هؤلاء الخبراء الذين قضوا أثناء تواجدهم مع الأمين العام للحزب، حسن نصر الله، ورئيس المجلس التنفيذي هاشم صفي الدين، وعدد من قيادات الصف الأول في المقاومة الإسلامية أثناء قيام إسرائيل باغتيالهم.
تراجع فرص الحل السياسي وتصاعد دور الميدان
وأشار المصدر ضمناً إلى تراجع فرص الحل السياسي، قائلاً إن “الكلمة الفصل تبقى أولاً وأخيراً للميدان، ما دام أن رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو ماضٍ في تدميره وجرفه للبلدات الواقعة على طول الخط الأمامي قبالة الشمال الإسرائيلي؛ لفرض أمر واقع يتيح له السيطرة بالنار على جنوب الليطاني وامتداده إلى شماله، لتفريغ الجنوب من سكانه وتحويله إلى أرض محروقة؛ بغية فرض شروطه لتطبيق القرار الدولي 1701”.
وأضاف أن “حزب الله” أجرى تقييماً شاملاً للمسار العام للحرب مع إسرائيل، وتمكنت قيادته العسكرية من تجاوز الأخطاء التي أدت إلى إحداث خلل في المواجهة، حيث بدأ يستعيد توازنه في الميدان. وأوضح أن الحزب حقق تقدماً ملحوظاً في الأيام الأخيرة من الأسبوع الفائت، تمثل بإلحاق خسائر كبيرة وغير مسبوقة في صفوف الجيش الإسرائيلي.
إعادة تعزيز التواصل وتموضع المجموعات العسكرية
وذكر المصدر أن “حزب الله” استطاع أيضاً تصحيح الخلل الناجم عن انقطاع التواصل بين غرفة عملياته المركزية وبين مجموعاته المنتشرة على امتداد خطوط المواجهة مع إسرائيل. كما تمكن الحزب من تبديل معظم المجموعات المرابطة على خط المواجهة، وتدعيمها بوحدات من “قوة الرضوان” لتعزيز التموضع في الخطوط الخلفية، ما يساهم في خفض الخسائر البشرية الناتجة عن اندلاع الحرب في أسابيعها الأولى.
أسلحة صاروخية متقدمة وتفعيل الخلايا النائمة
أوضح المصدر أن القيادة العسكرية لـ”حزب الله” زوّدت مقاتليها بأسلحة صاروخية متنوعة ومتقدمة، ما يتيح للمجموعات المتقدمة على طول هذه الخطوط التدخل في الوقت المناسب للتصدي لوحدات الكوماندوز الإسرائيلي لدى توغلها لاحتلال النقاط الاستراتيجية الواقعة على أطراف البلدات المطلة على نهر الليطاني. وأكد أن الحزب، من خلال تقييمه لمسار المواجهة، توصل إلى كشف الثغرات وأوجد الحلول المناسبة، بما يسمح له بصد التوغل الإسرائيلي في عمق الجنوب.
وأشار المصدر إلى أن “إعادة تموضع المجموعات تزامن مع إعادة انتشارها في مواقع محدثة على طول الخطوط الخلفية”. وأكد أنه تم تدعيم الخلايا النائمة بشكل يسمح لها باستهداف المستعمرات الإسرائيلية الواقعة على تماس مباشر مع الحدود اللبنانية، مما يعني أن تدمير البلدات الأمامية لم يمنح إسرائيل القدرة على الضغط على المقاومة لإخلاء مواقعها، والتي ما زالت تحت نيرانها.
وبحسب المصدر المقرب، فإن “الخلايا النائمة أعادت ترتيب صفوفها، وهي تحتفظ الآن بقوتها النارية، وتنصب الكمائن المتقدمة وتزرع العبوات الناسفة للتصدي لقوات الكوماندوز الإسرائيلي ومنعها من التوغل في عمق الجنوب”. وأوضح أن الخلايا تتولى، في الوقت نفسه، إشغال القوات الإسرائيلية للتخفيف من اندفاعها نحو الخطوط الأمامية للبلدات الحدودية، للحيلولة دون سيطرتها على التلال والمرتفعات المطلة على واديي السلوقي والحجير في أعالي بلدات العديسة والطيبة ومركبا ورب ثلاثين، التي تطل على مجرى نهر الليطاني.
توازن الردع وتزايد الإصابات الإسرائيلية
اعترف المصدر بأن الأيام الأخيرة من الأسبوع الماضي شهدت ارتفاعاً في منسوب المواجهة بين “حزب الله” وإسرائيل على نحو يعزز حالة من توازن الردع. وأشار إلى أن الحزب تمكن من إلحاق إصابات كبيرة في صفوف الجيش الإسرائيلي، وأن مجموعاته تتحصن بدفاعات صعبة الاختراق، لا سيما أن بعضها مرتبط بأنفاق ما زالت قائمة رغم استخدام إسرائيل لقنابل ثقيلة لتدميرها.
ورأى المصدر أن لجوء إسرائيل إلى توسيع دائرة تدمير البلدات الجنوبية في شمال الليطاني وصولاً إلى الضاحية الجنوبية لبيروت ومناطق البقاع ذات الغالبية الشيعية يأتي للضغط على “حزب الله” ودفعه للقبول بشروط إسرائيل لتطبيق القرار الدولي 1701 على طريقتها.
ضرب الاقتصاد الشيعي وزيادة الضغوط الاجتماعية
وتوقف المصدر عند “تمادي إسرائيل في استهداف البنية الاقتصادية للمناطق الشيعية، عبر تدمير المؤسسات التجارية والصناعية وأجزاء من المدن الكبرى مثل النبطية، وصور، والضاحية الجنوبية، وبعلبك”. واعتبر أن هذه التحركات تأتي في سياق مخطط إسرائيلي لضرب القدرة الاقتصادية للطائفة الشيعية، ودفع جزء من سكانها للنزوح نحو المناطق المختلطة، مما قد يؤدي إلى خلق إشكالات داخلية نتيجة التوتر بين النازحين والسكان المحليين.
آفاق التوصل إلى تسوية عبر الوسيط الأميركي
وأشار المصدر إلى أن الحرب المشتعلة في الجنوب لا تزال تتصدر المشهد حتى إشعار آخر، وتبقى الكلمة للميدان. وأعرب عن أمله في أن يحمل الوسيط الأميركي آموس هوكستين، عند زيارته المرتقبة لبيروت بعد عودته من تل أبيب، مقترحات تدعو للتفاؤل، بخلاف المرات السابقة. وبيّن أن هذه المقترحات قد تساهم في الوصول إلى وقف لإطلاق النار، ونشر الجيش اللبناني تمهيداً لتطبيق القرار الدولي 1701 بجميع بنوده، بما في ذلك حصر السلاح بيد الدولة اللبنانية.
واختتم المصدر بالقول: “تبقى المواجهة قائمة حتى إشعار آخر، ما يفتح الباب أمام اختبار مدى قدرة حزب الله على الصمود، بعد أن استعاد توازن الردع مع إسرائيل”