اليوان الصيني.. هل يمكنه القضاء على الدولار؟
اليوان الصيني.. هل يمكنه القضاء على الدولار؟
أحرز اليوان الصيني، في الآونة الأخيرة، تقدمًا على صعيد تحوله إلى عملة عالمية، وهو ما ينعكس على تصريحات المسؤولين الصينيين “السعداء” بهذا التقدم، لكن هل أصبح اليوان قويّا بما يكفي لذلك؟
وبالعودة إلى مارس الماضي، قال بان غونغ شنغ، محافظ البنك المركزي الصيني، إن “النظام النقدي الدولي يتنوع بوتيرة متسارعة”، وأشار إلى أن اليوان أصبح رابع أكثر العملات نشاطًا في المدفوعات العالمية، ويحتل المرتبة الثالثة في مجال تمويل التجارة.
وتوضح بيانات البنك المركزي الصيني أن نحو نصف معاملات الصين مع بقية العالم (فيما يتعلق بالأصول المالية، فضلًا عن السلع) تتم تسويتها الآن باليوان.
لكن أشار تقرير حديث لمجلة “ذي إيكونوميست” أنه رغم هذه المكاسب، فإن الوضع العالمي لليوان لا يزال يبدو متواضعاً مقارنة بالتوقعات السابقة.
التوقعات كبيرة
ففي أعقاب الأزمة المالية في 2007-2009، كان من السهل تصور دور أكبر. وفي عام 2008، توقع فريد هو، الاقتصادي الذي كان يعمل آنذاك في بنك غولدمان ساكس، أن يمثل اليوان نحو 15% إلى 20% من احتياطيات النقد الأجنبي بحلول عام 2020.
كما وثقت الدراسات الإحصائية من تلك الحقبة الأهمية المتزايدة للعملة الصينية.
وفي عام 2012، حدد العديد من الباحثين في معهد بيترسون للاقتصاد الدولي، وهو مركز أبحاث في واشنطن، “كتلة اليوان” الناشئة في شرق آسيا.
وبفضل الروابط التجارية الوثيقة داخل المنطقة، بدأ العديد من العملات الأخرى في شرق آسيا في التأثير على اليوان بشكل أقرب من تأثيرها على الدولار.
ووفقًا لـ”ذي إيكونوميست”، فسواء كان ذلك عن طريق الصدفة أو بشكل متعمد، فقد تصرفوا وكأنهم مرتبطون بسلة عملات ضمنية يبلغ وزن اليوان فيها في المتوسط نحو 50%.
ومع ذلك، كان هناك بعض التقلبات اللاحقة، إذ بلغت قيمة العملة الصينية ذروتها مقابل الدولار في عام 2014، ثم ضعفت منذ ذلك الحين بنسبة تزيد على 16%.
وأدى سوء إدارة قيمة العملة في عام 2015 إلى تدفقات هائلة من رأس المال إلى الخارج، وجعلت الاضطرابات اليوان ركيزة أقل موثوقية.
ورغم هذه الاضطرابات، تم إدراج اليوان في سلة صندوق النقد الدولي من العملات الاحتياطية القابلة للاستخدام في عام 2016.
حصة ضعيفة
ولكن حصته في الاحتياطيات العالمية من العملات الأجنبية تظل أقل بكثير من التوقعات، إذ توضح أحدث بيانات صندوق النقد الدولي أن حصة اليوان بلغت 2.3% فقط في نهاية العام الماضي، بانخفاض عن ذروة بلغت 2.8% في الربع الأول من عام 2022.
وبسبب هذا الانخفاض، تراجع اليوان خلف الدولار الكندي في عام 2022، ويحتل الآن المرتبة السادسة في ترتيب العملات العالمية.
كما تظل “كتلة اليوان” جوفاء، إذ اعتبر تقرير “ذي إيكونوميست” أن دراسات معهد بيترسون لم تكن محايدة بشأن ما إذا كانت عملات شرق آسيا تحركت تعاطفاً مع اليوان؛ لأنها كانت تتعقبه عمداً أو لأن الصين وجيرانها كانوا يستجيبون للصدمات نفسها.
ولفتت إلى أن الأبحاث الحديثة تشير إلى أن الصدمات كانت أكثر أهمية. على سبيل المثال، وجدت دراسة جديدة أجراها كاري هييمونين من جامعة جيفاسكيلا، وريستو رونكو من جامعة تامبيري، في فنلندا، “لا يوجد دليل” على أن اليوان يمثل مرساة للعملات الأخرى.
وأعادت الدراسة حساب تأثير اليوان بعد التكيف مع التوترات المالية العالمية وتحركات أسعار السلع الأساسية.
ومع تطبيق هذه الضوابط، وجد الباحثون أن وزن اليوان في تحديد أسعار صرف عملات شرق آسيا بلغ في المتوسط 9% فقط بين عامي 2010 و2018.