“الاعتقالات الانتقامية” خطر يهدد تماسك السوريين
تتزايد التحذيرات من العواقب الكارثية التي قد تترتب على حملة الاعتقالات الأخيرة في سوريا، إذ يُجمع الخبراء على أن هذه الإجراءات قد تؤدي إلى مخاطر اجتماعية وسياسية تهدد التماسك الوطني.
ويشير المحللون إلى أن الحملة تعكس غياب الرؤية الإستراتيجية في التعامل مع هذا الملف الشائك، محذرين من أن استمرار النهج الانتقامي قد يفضي إلى احتقان شعبي واسع، لا سيما في المناطق الساحلية التي تُعد معقلًا للعديد من المستهدفين.
في هذا السياق، دعا الخبراء إلى ضرورة تبني مشروع مصالحة وطنية حقيقي، يُنهي دائرة الانتقام ويؤسس لمرحلة جديدة من الاستقرار.
كما أشاروا إلى أن السياسات التي تعتمد على التمييز والاستهداف الطائفي قد تفضي إلى نشوء حركات مقاومة وتصعيد خطير، ما يهدد وحدة البلاد. وخلصت الآراء إلى أن الحل يكمن في إغلاق هذا الملف بطريقة شاملة، أو فتحه للأطراف جميعها دون استثناء، لضمان مستقبل أكثر إشراقًا لسوريا.
عواقب خطيرة على الوحدة الوطنية
المحلل السياسي حسام نصر أكد أن الحملة الحالية غير مدروسة، ولا تأخذ بعين الاعتبار الأبعاد السياسية والاجتماعية والنفسية.
وأوضح أن هذه الإجراءات ستؤدي إلى تعميق الأحقاد والاحتقان في الشارع، لا سيما في المناطق الساحلية، إذ يُستهدف أبناء القرى الساحلية.
وقال نصر إن الأهالي في هذه المناطق لن يقبلوا بتسليم أبنائهم لتنفيذ أحكام الإعدام بحقهم، مضيفًا أن الحل يكمن في تبني مشروع مصالحة وطنية حقيقية، معتبرًا أن هذه الحملة ستؤدي إلى نتائج وخيمة، قد تصل إلى التقسيم وخلق عداء بين أبناء المناطق.
وأشار نصر إلى أن الإصرار على الانتقام من فئة معينة من المجتمع يساهم في إثارة الحقد على الطائفة كاملة، وهو ما قد يؤدي إلى ظهور حركات مقاومة، مشددًا على ضرورة تبني مشروع مصالحة حقيقي يحقق التوازن، خاصة في ظل الجرائم التي ارتكبتها بعض فصائل المعارضة المسلحة.
مخاطر التفرقة والانتقام
من جهته، حذر المحلل السياسي هشام شرف من خطورة التعامل مع هذا الملف في هذه المرحلة، مشيرًا إلى أن سكان الساحل السوري يعيشون في حالة من الخوف من الانتقام، ما يعمق الانقسام الاجتماعي ويزرع شعورًا بعدم وجود مكان لهم في ظل النظام الحالي.
وقال شرف إن العديد من العائلات في الساحل لديها أفراد كانوا متطوعين أو ضباطًا في النظام السابق، متسائلًا عن مصير هؤلاء في حال استمر استهدافهم بذريعة الجرائم المرتكبة.
وأضاف أن فصائل المعارضة المسلحة قد جلبت مقاتلين أجانب ارتكبوا جرائم فظيعة، من بينها مجزرة جسر الشغور وعدرا العمالية، فضلاً عن التفجيرات الإرهابية التي أسفرت عن مقتل مئات المدنيين. واعتبر شرف أن هذه الممارسات تثير تساؤلات حول ما إذا كانت الإدارة الحالية تسعى للانتقام أم لفرض سيطرتها عبر التخويف.
كما أشار إلى أن الانتهاكات التي تُمارس بحق أبناء الطائفة العلوية وبعض الأقليات الأخرى تنذر بتفاقم الوضع، لافتًا إلى أن إحصائيات غير رسمية تشير إلى مقتل أكثر من 80 شخصًا حتى الآن بتهم واهية، ما يعزز من تنامي النعرات الطائفية.
وحذر شرف من أن استمرار هذه السياسات قد يقود البلاد إلى فصل دموي جديد، دون أن يكون هناك وضوح بشأن توقيته أو نهايته.