«أسوشيتد برس»: الجوع يحاصر غزة والمعاناة الإنسانية تتصاعد بسبب الحرب
أكدت وكالة “أسوشيتد برس” الأمريكية في تقرير حديث أن قطاع غزة يشهد أزمة جوع متفاقمة، مع انخفاض حاد في كمية الغذاء إلى أدنى مستوياتها منذ بدء الحرب الإسرائيلية في أكتوبر الماضي، وأشارت إلى أن العديد من سكان القطاع يضطرون لتناول وجبة واحدة يوميًا، وسط معوقات تحول دون وصول المساعدات الإنسانية بشكل كافٍ.
مأساة ياسمين وعائلتها
وسلط تقرير للوكالة اليوم السبت الضوء على إحدى قصص المعاناة، لافتا أنه في خيمة متواضعة وسط قطاع غزة، تحاول ياسمين عيد إطعام أسرتها بوجبة وحيدة من العدس المطهو على نار الأغصان والورق، وتقول ياسمين، وهي تسعل من الدخان المتصاعد: “تمتص بناتي إبهامهن بسبب الجوع، وأربت على ظهورهن حتى ينمن”.
تعيش ياسمين مع زوجها وبناتها الأربع بعد نزوحها خمس مرات، في منطقة توفر بعض الوصول النسبي للمساعدات مقارنة بشمال القطاع، الذي يعاني من عزلة شبه تامة وتدمير واسع النطاق منذ بدء الهجوم الإسرائيلي.
الجوع الشديد
أكد خبراء أن شمال غزة يعاني حاليًا من مجاعة شاملة، ووفقًا لمكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، فإن الوضع في وسط وجنوب القطاع يزداد سوءًا، مع تحذيرات من ارتفاع حاد في عدد الأسر التي تعاني من الجوع الشديد.
في دير البلح، حيث تقيم ياسمين، يعيش السكان في خيام مؤقتة بعدما أغلقت المخابز المحلية لمدة خمسة أيام هذا الأسبوع، ارتفع سعر كيس الخبز إلى أكثر من 13 دولارًا، واختفت المواد الأساسية من الأسواق قبل وصول إمدادات جديدة.
تحديات توزيع المساعدات
الأرقام تشير إلى انخفاض كبير في كمية الشحنات التي تدخل غزة، رغم إعلان إسرائيل عن إجراءات لزيادة تدفق المساعدات، وخلال أكتوبر الماضي، وصلت حوالي 1800 شاحنة فقط، وهو أقل بكثير من احتياجات السكان البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة.
وتعاني الأمم المتحدة وجماعات الإغاثة من صعوبة الوصول إلى الحدود لتسلم شحنات المساعدات بسبب القيود الإسرائيلية والقتال المستمر، كما أدت الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية إلى تفاقم الوضع.
معاناة لا تنتهي
تعبر ياسمين عن واقع حياتها القاسي قائلة: “ارتفعت أسعار كل شيء فى غزة ، لا يمكننا شراء أي شيء، نذهب دائمًا إلى النوم دون تناول العشاء”، أما اللحوم والدجاج، فقد اختفت تقريبًا من الأسواق، فيما لا تزال بعض الخضراوات المحلية متاحة بأسعار مرتفعة.
وفي احدى بلدات غزة بلدة زويدة، يواجه “مطبخ غزة للحساء”، الذي يديره هاني المدهون، صعوبات كبيرة في إطعام العائلات، ويقول المدهون: “نواجه ارتفاعًا جنونيًا في الأسعار، ونتمكن بالكاد من تقديم أطباق صغيرة من الأرز أو المكرونة”.
اتهامات دولية
تصاعدت الأزمة الإنسانية في غزة مع إصدار المحكمة الجنائية الدولية مؤخرًا مذكرات اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت، متهمة إياهما باستخدام “التجويع كسلاح حرب”.
وفي ظل استمرار الحصار والمعاناة، تبدو الأوضاع في القطاع مفتوحة على مزيد من التدهور ما لم تتحقق استجابات دولية عاجلة لإنهاء الأزمة.
الحرب على قطاع غزة
عقب عملية “طوفان الأقصى” التي أطلقتها “حماس” في 7 أكتوبر الماضي قصف الجيش الإسرائيلي قطاع غزة ووسع غاراته على كل المحاور في القطاع، وتم قصف المدارس والمستشفيات والمساجد باستخدام مئات آلاف الأطنان من القنابل الكبيرة والمحرمة دوليا والأسلحة الفتاكة مسببة خسائر مادية تقدر بمليارات الدولارات كما تصاعدت وتيرة العنف والاعتقالات في الضفة الغربية.
وأسفر القصف عن استشهاد أكثر من 44 ألف مواطن فيما بلغ عدد الجرحى أكثر من 104 آلاف جريح، إضافة إلى نحو 10 آلاف شخص في عداد المفقودين، في حصيلة غير نهائية وفق أحدث بيانات وزارة الصحة في غزة.
ونزح نحو مليوني شخص هربا من القصف العنيف، وبعد إنذار إسرائيلي بإخلاء شمال قطاع غزة.
وتواصل إسرائيل عملياتها العسكرية رغم الأزمة الإنسانية الحادة ورغم صدور قرار من مجلس الأمن الدولي يطالب بوقف فوري لإطلاق النار، وكذلك رغم مثولها للمرة الأولى أمام محكمة العدل الدولية بتهمة ارتكاب إبادة جماعية وصدور قرارات باتخاذ تدابير لمنع وقوع أعمال إبادة جماعية، وتحسين الوضع الإنساني في غزة.
ولا يزال الجيش الإسرائيلي مستمرا في قصفه مناطق مختلفة في القطاع منذ السابع من أكتوبر، مخلفا دمارا هائلا وخسائر بشرية كبيرة ومجاعة أودت بحياة العديد من الأطفال والمسنين، وفق بيانات فلسطينية وأممية.